هل فعلا كان جبل عامل معارضا للانتداب الفرنسي؟
أكثر أبناء الطائفة الشيعية كان يصبو إلى لبنان_الكبير. ظهر ذلك جليّا خلال الاستقصاء الذي قامت به لجنة كينغ-كراين التي تلقّت من أهالي البقاع 15 عريضة، 11 منها طالبت بالانضمام إلى لبنان الكبير، و الانتداب_الفرنسي، و4 فقط بالارتباط بسورية (مع العلم ان الامن كان بيد الامير فيصل في البقاع)، ما أغضب فيصلاً واتباعه.
وعندما تشكّل الوفد اللبناني الثالث إلى مؤتمر الصلح برئاسة المطران عبدالله الخوري، كان مقرّراً أن يشارك فيه كامل_الأسعد؛ لكنه اعتذر لأسباب شخصيّة وأرسل إلى الجنرال غورو تفويضاً خطيّاً يسمح بموجبه للمطران الخوري بالمطالبة، باسم شيعة جبل عامل، بالانضمام الى لبنان الكبير، وهذا نصّ رسالته مترجماً عن الفرنسيّة:
«أنا الموقّع أدناه، كامل بن خليل الأسعد، لي الشرف أن اعلمكم بأني، بصفتي مفوّضاً من قبل أبناء طائفتي، الشيعة القاطنين في جبل عامل المكوّن من أقضية صيدا وصور ومرجعيون، أعطي تفويضاً مطلقاً إلى سيادة المطران عبدالله الخوري، لكي يطالب أمام مؤتمر الصلح بضمّ جبل عامل المذكور إلى لبنان الكبير وبأن يتمتع هذا الجبل بالامتيازات نفسها تحت الحماية الفرنسيّة. يُعتبر المطران الخوري مندوباً عنّا في كلّ المساعي التي سيقوم بها في هذا الخصوص».
وبعد إعلان دولة لبنان الكبير، أرسل وجهاء الشيعة في مدينة_صور، في 5 أيلول١٩٢٠، برقية إلى الجنرال غورو هذا نصّها: «نحن مسرورون بضم مدينتنا إلى لبنان الكبير. نوجّه إلى سعادتكم شكرنا الجزيل لتعيينكم الكومندان ترابو (Trabaud) حاكماً على لبنان الكبير».
تلقّى غورو بالمعنى نفسه، ومن جبل_عامل، عدداً من البرقيات الأخرى، منها واحدة وقّع عليها مخاتير 16 قرية شيعيّة.
في 27 كانون الثاني 1926، اصدر الفرنسيون قراراً يعترف باستقلاليّة الطائفة الشيعيّة وبحقّها بأن تطبّق المذهب الجعفري في إدارة الأحوال الشخصيّة لأبنائها. في اليوم نفسه، زار السّيد عبد_الحسين_شرف_الدين مكتب ليون سولومياك (Solomiac)، ممثل المفوّضية العليا لدى دولة لبنان الكبير برفقة ثلاثة نوّاب شيعة، وأعرب له عن «امتنان أبناء طائفته للاعتراف بالمذهب الجعفري». أمّا النواب الثلاثة فأبلغوا سولومياك «نهاية كل الحركات الانفصالية في جبل عامل وانضمام الطائفة الشيعيّة بأبنائها كافةً إلى لبنان الكبير...»
من مقال للاستاذ انطوان الحكيّم، ١٢ ايلول ٢٠٢٠ . جريدة اللواء اللبنانية.