كتب السيد رضا بدر الدين (بتصرف) :
اختلف المؤرخون في أصل الأنباط الذين حكموا 150 سنة قبل الميلاد إضافة ل 100 سنة بعد الميلاد، وقد امتدّت رقعة نفوذهم إلى بلادنا. وقيل أن النبط كانوا على دين الصابئة، ومن أنبياء النبط أو المقدسين عندهم، إدريس "أو هرمس" وشيت "أو عاذيمون". وكان للنبط بيت يعظّمونه ويقدسونه ويحجّون إليه ويقدّمون له القرابين يُسمى ب "البريص" ذكره المسعودي، ونظنّ أن هذا المعبد يقع في خراج قرية "عبّا" والتي ورد إسمها أيضا "عبة".
ويلاحظ أن عدداً من القرى في المحيط تُسمى بإسم شيت: مثل عدشيت و جب شيت.
سُمّى هذا المعبد ب "البريص" وله حمى يصل إلى خراج بلدة الزريرية يسمى بحمى "قريص"، وللمعبد المفترض هذا أوقاف في الحمى وهي عبارة عن آبار في غاية الهندسة والإتقان ومعاصر للعنب وتسمى في الزرارية بالمعاصر، وهذا يفسر قول المسعودي (وكان يجري فيه الخمر في قديم الزمان).... وعلى مقربة من هذا المعبد توجد عين ماء تسمى عين الحاج حسن (نسبة للحاج حسن آل منكر من حكام اقليم الشومر)، أما أهل الزريرية فيسمونها عين "قويص". وفي المرويات الشفهية أن العين قديما كانت تُسمّى في بلدة عبّا ب(عين الزهرة).
وفي الخطط للسيد محسن الأمين "ص 279":(قويص" قرية خراب على نصف ساعة من الزريرية) انتهى الاقتباس من الخطط. وهذه القرية الخربة تسمى الآن في عبا ب"العتبات" وكان يطلق عليها قديما إسم "العرايس". وفي كشكول البحراني ورد إسمها "فريص". ولعل هذه الأسماء هي تصحيف لإسم هيكل "البريص" الذي ذكره المسعودي في مروج الذهب "ص 251 ج 2" تحت عنوان: (ذكر الأخبار عن بيوت النيران وغيرها).
وقد عظّم الصابئة كوكب (الزهرة)، وقد وُجد حول هذا المعبد أو الهيكل المذكور نقوش تدلّ على كوكب "الزهرة" الذي جسّدوه ب"اللات" وهي من الآلهة (او النبيّات) المعظّمة عند "النبط". و يُرمز ل "اللات" بصخرة مربعة بيضاء مزينة بالزخارف وتلقّب ب "كعبو" وهي نفس جذر الكلمة العربية "كاعب" وتُقال للمرأة الحسناء . كذلك كانت "اللات" تُسمى "بالربة" (أو النبيةّ) وقد عُرف البيت الذي بُني لتعظيم اللات "ببيت الربة". ويوجد في قرية عبا مقام قديم جُدد بنائه مؤخرا، ويُنسب لإمرأة صالحة تسمى "النبية" ولا يعلم ما هو على وجه التحقيق. ونرجح أن يكون هذا المقام هو مزار بيت "الربة" وهي "اللات" "أم الأرباب" وأن إسم عبا أو عبة هو تحريف "كعبو" !!!
انتهى ما كتبه السيد رضا بدر الدين بتصرف
تعليق:
* عند تجديد بناء مقام (النبية) في بلدة عبّا تأكّد عدم وجود أي أثر لضريح داخل البناء القديم، والموجود حاليا هو ضريح افتراضي
* لا يوجد قرية خربة على بعد نصف ساعة من الزرارية سوى (العتبات)، لذا نرجّح أن تكون هي نفسها (قويص) المذكورة في الخطط .
* البريص: هيكل في دمشق للصابئة، ولا نستبعد تعدد وجود هياكل بنفس الإسم في أماكن أخرى، تماما كما نجد مقامات للخضر في أكثر من مكان.
* لوجود تشابه كبير بالألفاظ : (بريص) - (قويص) - (قريص) - (فريص)، ذهب السيد رضا للربط بين المذكور في الكتب وبين الشائع عند الناس فنسج من هذا التشابه فرضية، نرى انها جديرة بالمتابعة والبحث.