الصفحات

العامليون يحجمون عن المشاركة في احصاء 1921 ويقتطعون من الهوية ما يشير إلى لبنانيتهم

 كتب الدكتور أحمد هارون : "احصاء العام 1921 يمهّد لإكتساب الجنسية اللبنانية - العامليون يحجمون عن المشاركة ويقتطعون من الهوية ما يشير الى لبنانيتهم

بعد إعلان دولة لبنان الكبير عام 1920 بحدوده الجغرافية، وضمّ الأقضية الأربعة إليه برز في لبنان تياران سياسيان، كادا أن يكونا متساويين : تيار مرحّب بالإنتداب ويدعو للتعامل معه، وهو تيار واسع الإنتشار في صفوف المسيحيين عامة، والموارنة خاصّة، وتيار معارض للإنتداب، يستمر في دعوته إلى الوحدة مع سوريا المستقلة، وهو التيار الغالب في صفوف المسلمين، واتخذ الإنقسام وجها طائفيا. ومع ذلك، أصبح لبنان دولة يمكن لها أن تعطي الجنسية اللبنانية، ويصبح جميع أهلها لبنانيين. وكان لا بدّ من تحديد عدد السكان والشروع بالتحضير لعملية الإحصاء بعد أن برزت تقديرات عدّة متفاوتة لم يكن بالمستطاع الركون إليها، لأنها اعتمدت على مخاتير القرى والأحياء.
في 10 آذار 1921 صدر عن السلطة المنتدِبة المختصة القرار 763 وعلى أساسه أجرت المفوضية الفرنسية أول إحصاء سكاني، وسُجلت قيوده في بيانات إحصائية، واتخذته سلطات الإنتداب قاعدة وأساسا لتوزيع المقاعد النيابية بين الطوائف، وسلّمت على أساسه للمواطنين تذاكر نفوس لأول مرة. ذكر فيها أن الحكومة اللبنانية تشهد، أن حامل الهوية هذه هو لبناني.
لما اجرى الإنتداب الفرنسي إحصاء السكان عام 1921 ، لم يرض المسلمون الإشتراك في الإحصاء إلا بعد أن أقنعهم غورو بأنه بالإمكان قطع القسم الأسفل من تذكرة الهوية الذي ينص على أن حاملها لبناني. ولكن المسلمين الذين ما لبثوا أن شاركوا في الإحصاء نسوا أو تغاضوا عن القسم الأعلى من تذكرة الهوية الذي
كتب عليه عبارة دولة لبنان الكبير. ويبدو أن قرارهم في ذلك الوقت كان عاطفيا. وقد تمكنّا من الحصول على نموذج عن هذه الهوية، مرفقة ادناه، وهي صادرة باسم حكومة لبنان الكبير بتاريخ 20 حزيران 1921 رقم 56 لبنان الجنوبي، للمدعوة نجيبة صباغ تولّد 1872 ، محل الإقامة النبطية التحتا سجّل 65 متأهلة. وبدا واضحا قصّ جزء من القسم الأسفل من الهوية المكتوب بالعربية الذي يشير إلى أن صاحبة الهوية هي لبنانية. وإنما بقي اسم صاحبة الهوية - نجيبة صباغ كما هو في الجزء المكتوب بالفرنسية بكامله والذي يشير إلى أن صاحبة الهوية لبنانية.
ولأن إحصاء العام 1921 أُجري من قِبل جهة لم تكن حينها تمارس صلاحيات تشريعية وقانونية في وقت لم يكن صكّ الإنتداب قد صدر بعد، لا بل إن الصك بعد صدوره لم يخوّل سلطات الإنتداب سوى مساعدة السلطات المحلية، حتى تصبح تدريجيا دولة قادرة على النهوض الإستقلال فقط، وهكذا فإن مفاعيل إحصاء 1921 لا تُكسب أو تنفي الجنسية اللبنانية لأحد. لذا واستكمالا للقرار رقم 2825 تاريخ 30 آب 1924 ، أصدر الجنرال ساراي المفوض السامي للجمهورية الفرنسوية لدى دول سوريا ولبنان الكبير والعلويين وجبل الدروز، في 19 كانون الثاني 1925 القرار رقم 15 المتعلق بالجنسية والإحصاء وقيد وثائق الأحوال الشخصية واكتساب الجنسية اللبنانية وفقدانها.
خلاصة : بالعموم ترتكز بيانات التعداد السكانية غير الرسمية في لبنان، على تقديرات تتصف بدرجات متباينة من الدقّة. اما على المستوى الرسمي، فقد ادت الإعتبارات السياسية الى عدم تمكن البلاد من القيام بأي احصاء بعد عام 1932 الذي كان آخر الإحصاءات الرسمية لتعداد السكان في لبنان وهو ما يزال متداولا
ومعتمدا في سجلات دوائر النفوس حتى اليوم.
جاء إحصاء 1932 بعد مضي قرابة عشر سنوات على إحصاء 1921، بعدما كانت السياسة الفرنسية قد دأبت على ترويج إشاعات بين الطوائف، مفادها أن توزيع الحقوق والواجبات في الدولة اللبنانية، إنما يكون باعتماد مبدأ النسبية بين تلك الطوائف، أي على أساس الحجم السكاني الذي تمثله كل منها بالنسبة للمجموع العام للسكان." انتهى

تذكرة نجية صباغ- ابنة قاسم صباغ- من النبطية التحتا - مواليد 1872
متأهلة ولها ولد - والدتها آمنة مللي
تذكرة (نسمة بغدادي) ابنة الشيخ علي عبد السلام بغدادي مواليد 1880 - والدتها زينب - متأهلة من النبطية التحتا