كتب الأستاذ محمد ناصر الدين :
(كانت عاشوراء أجمل .... لم نكن بحاجة الى هذا الجيش من الرايات، والفضائيات، والطقوس الجديدة، والكثير من الأصوات الرديئة والمزعجة، والحواجز الاسمنتية، وازالة السيارات فورا من امكنتها. بيت صغير متواضع للحاجة "اميرة" في القرية، ودزينة او اثنتان من شموع زهيدة الثمن، واوراق من ورد الجوري نقطفها من الحديقة غالبا ما كانت أشواكها تدمي ايدينا الصغيرة؛ يافطات حزننا في وجوه الأمهات، وكان عدونا، يزيد، واضحا دون لبس أو شبهة في ذلك الزمن الجميل: دبابة تربض في اعلى التلة وهيليكوبتر اسرائيلية تأكل من لحمنا الحي، ومن "حطام ابنائنا واسلحتهم" التي تغطي السفوح. تبدأ الحاجة اميرة شجنها الذي تهتز له الحجارة، بصوتها الرخيم: "مع السلامة يا حسين، بحفض رب البرية"، بلكنتها الجنوبية التي تبتكر في لغة الضاد، فتحيل ال"ظ" الغليظة الى "ض" أليفة، مثل حزن الشيعة الأبدي الذي ألفوه وألفهم. تضيء أمي الشموع واحدة واحدة، وتدور حولها النساء، بسدور الورد المسفوح فوقها وبشعورهن الطويلة المنسدلة السوداء. يأتي صوت السيد جعفر رخيما من مئذنة الجامع، وكأن النهر الذي يجري في كعب الوادي يصعد الينا، الى زينب الحزينة، يروي اولادها واولاد الحسين العطاشى في كربلاء. كان الحسين يخرج من بيتنا كل يوم يا مهدي، ونرسله الى تلك الدبابة ، وكان حصانه يزمجر بوجه الهليكوبتر، كنا نعيد النهر دموعا الى الوادي ونبكي يا مهدي). انتهى
(كانت عاشوراء أجمل .... لم نكن بحاجة الى هذا الجيش من الرايات، والفضائيات، والطقوس الجديدة، والكثير من الأصوات الرديئة والمزعجة، والحواجز الاسمنتية، وازالة السيارات فورا من امكنتها. بيت صغير متواضع للحاجة "اميرة" في القرية، ودزينة او اثنتان من شموع زهيدة الثمن، واوراق من ورد الجوري نقطفها من الحديقة غالبا ما كانت أشواكها تدمي ايدينا الصغيرة؛ يافطات حزننا في وجوه الأمهات، وكان عدونا، يزيد، واضحا دون لبس أو شبهة في ذلك الزمن الجميل: دبابة تربض في اعلى التلة وهيليكوبتر اسرائيلية تأكل من لحمنا الحي، ومن "حطام ابنائنا واسلحتهم" التي تغطي السفوح. تبدأ الحاجة اميرة شجنها الذي تهتز له الحجارة، بصوتها الرخيم: "مع السلامة يا حسين، بحفض رب البرية"، بلكنتها الجنوبية التي تبتكر في لغة الضاد، فتحيل ال"ظ" الغليظة الى "ض" أليفة، مثل حزن الشيعة الأبدي الذي ألفوه وألفهم. تضيء أمي الشموع واحدة واحدة، وتدور حولها النساء، بسدور الورد المسفوح فوقها وبشعورهن الطويلة المنسدلة السوداء. يأتي صوت السيد جعفر رخيما من مئذنة الجامع، وكأن النهر الذي يجري في كعب الوادي يصعد الينا، الى زينب الحزينة، يروي اولادها واولاد الحسين العطاشى في كربلاء. كان الحسين يخرج من بيتنا كل يوم يا مهدي، ونرسله الى تلك الدبابة ، وكان حصانه يزمجر بوجه الهليكوبتر، كنا نعيد النهر دموعا الى الوادي ونبكي يا مهدي). انتهى