فضائع الجزّار في قلعة الشقيف

 في رحلته إلى فلسطين وسوريا التي استمرت 41 يوما بين آذار ونيسان من العام 1867،  يروي (يعقوب فريز: طبيب وصحفي وعسكري أمريكي) ما سمعه من أهوال الجزار في جبل عامل : 
ترجمة بالمضمون مع تصرّف طفيف : 
" على قمم ومنحدرات لبنان نجد طائفة تُدعى (المتاولة) وهي لا تقل غرابة عن الدروز.
المتاولة هم أتباع علي (ع) وينتمون إلى التقسيم الكبير للإسلام الشيعي، ولكن هناك شيء يميّزهم عن سائر المعتقدين بعلي ... سأروي ما سمعته من أفواه شيوخهم المسنين .... فقد تشابك تاريخهم مع تاريخ تلك البلاد ... تحدّثتُ إلى عجوزين من المتاولة من ذوي اللحى البيضاء وكانت الدموع في عيونهم، وهم يسردون أمجاد أجدادهم في بلاد سوريا وقوتهم في الحروب القديمة ، وما آلت إليه أوضاعهم من الاضطهاد والسقوط على يد الجزار. 
 في القرن الماضي ، كان المتاولة لا يزالون ذوي كثرة وقوة في سوريا وكان عددهم مضاعفا عمّا هو عليه اليوم، وكان يحكمهم مشايخ منهم، وبدأت أوضاعهم بالتدهور عند مشاركتهم في حروب ظاهر العمر ثم حربهم ضد الجزار التي أدت إلى سقوطهم النهائي .....
في بداية الأمر نجح المتاولة في حربهم ضد الجزار، وحملوا السلاح ودافعوا عن أنفسهم واستولوا على الحصون المهمة في بلاد بشارة ، ولكن الجزار تمكّن من  استدراج بعض قادتهم بالمال والوعود وزرع الفرقة بينهم ، وتمكّن من الإطلاع على كل مخططاتهم من خلال بثّ الجواسيس بينهم وأصبحت له اليد الطولى. ولم تعد عملياتهم فعالة ونشطة ...
حاصر الجزار قلعة النبطية (الشقيف) بقوة من 7000 جندي و 3 مدافع . تحصّن بضع مئات من المتاولة في القلعة ودافعوا عنها بشجاعة وعناد، ولكن الخونة الذين زرعهم الجزار أرشدوه إلى نفق سرّي يصل من الوادي المجاور إلى أسفل بوابة الحصن، كان المتاولة قد أقفلوا  هذا الممر بجدار من داخله للتمويه.   
أحضر الجزار مدفعيتين في الليل وقام بدكّ الجدار داخل النفق ، ونظرا لقوة الصوت ظنّ المتحصنون ان الجزار استطاع دكّ الأسوار كاملة، فاستسلموا له مشترطين خروجهم من القلعة بأمان .
لكنّ الجزار لم يفِ بوعده وقام بصلب كل المستسلمين في القلعة،  أما الخونة الذين ساعدوه في دخول القلعة فقد نحرهم ورماهم في نهر القاسمية (يقصد الليطاني) .
وكان احتلال قلعة الشقيف الضربة الأخيرة للمتاولة، بعدها تشتتوا وتفرقوا وقام الجزار بمطاردتهم وصلب كل من وقع منهم بين يديه على أبواب عكا وصيدا وصادر جزءا كبيرا من أملاكهم وألغى سلطة مشايخهم. وبذلك تمّ القضاء على نفوذهم بشكل نهائي، ذلك النفوذ الذي كان آخذا في التصاعد والذي كان يعادل تقريبا نفوذ الدرو". انتهى 

ملاحظة : رواية يعقوب فريز مأخوذة شفاهة من مسنين متاولة عام 1867. اي بعد حوالي 85 سنة على مآسي الجزار في جبل عامل.
انظر أيضا : 
*  تأريخ موت أحمد الجزار 
أحمد باشا الجزار وأسرى النبطية 
وطأة الجزار على البلاد العاملية - د. كوراني  
*  من تاريخ الركيني -  ناصيف النصار يقاتل مع الجزار ؟ ؟
بلاطة يارون وضريح ناصف النصار  
مقتل ناصيف النصار في شعر شناعة 
مقتل ناصيف النصار - الدكتور رامز رزق 
معركة يارون بين الجزار والنصار - غسان زهر - مقال  
جبل عامل بين نابليون والجزار وابراهيم باشا - محمد يوسف مقلد 
العامليون في عكا مع نابليون 1789 م - عارف الزين + محمد يوسف مقلد