سيارة الشاعر أبو علي (خليل) عجمي


سـيارتي مـاذا بـها لا أعـرف .... لم يمض يوم فيه لا تتوقف
فكأنها صُنعت لتعذيبي فقط .... وكأنني بـعذابـها مـتـصوّفُ
من أين أبدأ رحلتي في وصفها.... وهي التي لا شيء فيها يوصفُ 
سيارتي (هوندا) وماذا تنفع .... الهوندا إذا كانت بنا لا ترأف 
هي لم ترحني في حياتي لحظة... أبدا ولا يوما بنا تتلطّفُ
وأنا لسوء الحظ ما سجّلتها .... نظرا لما تسجيلها هو مكلف 
ولأجل ما عانيت منها لم ازل .... عن دفع ميكانيكها متخلّفُ
سيارتي مهضومة لكنّها ..... لجميع أشكال التخلّف متحفُ
ولقد تواضع شكلها حتى غدا .... منه يملّ الجاهل المتفلسف
ولعلّ أكثر ما يعيّرني بها .... بين الورى مسؤولنا المتخلّف
في كل أسبوع أغيّر قطعة .... فيها وعطل الكهرباء مكثّف
لم أدرِ كيف تبدّلت أحوالها .... حتى أتاها عصرها المتقشّفُ
والله ما قصّرت في تنظيفها .... يوما ولكن شكلها لا ينظفُ
ولكثر ما جمع الهشيم دفاعها ... فبدا بها وكأنها هو معلفُ
ولكثر ما أكل الزمان طلاءها .... ما عاد أصل اللون فيه يعرفُ
في جزئها الخلفي (طبوناية) .... من وحل قريتنا عليها شرشف
وعلى غطا موتيرها معجونة .... صدأ الحديد بها فراحت تنزف
ولها دواليب ضعاف أربع .... ذابت بها (الكوما) فراحت تردفُ
رفرافها، الله من رفرافها .... أمضيت ُ فصل الصيف وهو يرفرفُ
أما مصيبتها العظيمة في الشتا ... أرض مشقّفة وسقف يدلف
أنا من زمان كنت قد فارقتها ... لو لم يكن بالناس ربّ يلطفُ
(فيتاسها) المنحوس يقرع دائما ... أما محرّكها فطبل أجوفُ
إن قدتها نحو اليمين توجهت ... نحو اليسار وعكس ذلك أعنفُ
فإذا مشت فكأنها دبابة ... وإذا رست فكأنها مستوصف
أنا ما قصدت بها المدينة مرة ... إلا وقلبي كان فيها يرجف
و(مكحكح) في السير قلت اشترِ .... سيارتي فأجابني متأسّف
لا يعشق النزين (ريزيفوارها) ... من كثرة الصرف الذي هي تصرف
إن شئت تصليحا لها لم أستطع .... تصليحها ضعف المعاش يكلّفُ
كم من عبيط احمق قد قال لي ... لِمَ لا تغيّرها فأنت موظّفُ
فأجبته إن القناعة عندنا .... كنز كبير والتواضع موقف
تعسا لمن تلقاه في سيارة .... مقياس قيمتها الحديد الأجوف
والفخر كل الفخر في سيارة .... يختال فيها شاعر ومثقّفُ

من (ديوان البيارق) - خليل عجمي - ص 97 و98