رسالة من الشيخ علي رفيش إلى أهالي ميس الجبل بخصوص الشيخ موسى قبلان

كتب المتتبع الشيخ محمد تقي الفقيه (الحفيد) ، المشرف على مركز الفقيه العاملي لإحياء التراث-حاريص-جبل عامل

 رسالة إلى أهل (ميس الجبل) صادرة من احد كبار مراجع التقليد في النجف الأشرف قبل أكثر من مائة سنة. و الشيخ علي رفيش النجفي المتوفى سنة (1334 هـ) = (1916م). هي في الواقع جواب خطاب أرسله أهل البلدة للشيخ علي رفيش يطلبون منه الإذن لتلميذه المميز (ابن بلدتهم ) العالم المجتهد الشيخ موسى قبلان للعودة إلى بلدته لحاجتهم إليه. نصّ الرسالة:
[بسم الله الرحمن الرحيم]
إلى إخواننا المؤمنين، وأخلّائنا في الدين، الأماجد الأكرمين، أهل (ميس) وفّقهم الله لمرضاته أجمعين، بالنبيّ الأمين وآله الطاهرين، بعد السلام عليكم والدعاء لكم، والالتماس منكم، إنّه قد وصلني كتابكم، واطّلعت على جميل خطابكم، وقد سررت سروراً عظيماً من عالي همّتكم، وحسن التفاتكم، وتوجّهكم لما فيه نجاحكم، فكثّر الله من المؤمنين أمثالكم، وحسّن أفعالكم . وطلبكم منّا أن نوجّه لإرشادكم جناب العالم المحقّق، والنحرير المدقّق، المهذّب الكامل، والثقة التقيّ، والورع النقيّ، والفاضل الألمعي، جامع المعقول والمنقول، ومحكم قواعد الشريعة، ودلائلها، ومنتج فروعها ومسائلها، مستنبط الفروع من الأصول عن ملكةٍ اجتهادية، ونفحة إلهيّة، قدوة العارفين وعمدة المتّقين، ومفخر المحقّقين، ومنار المدقّقين، جناب ولدنا الأعزّ علينا، وقرّة العين المبرّز لدينا، الشيخ شيخ موسى قبلان دامت معاليه، وكُبت مُعاديه، وحيث كان جنابه الحقيق بأن يكون علَماً في البلاد ومناراً تهتدي بسنا هداه العباد، سعونا بإنجاز مرغوبكم، وإتمام مطلوبكم، وخابرنا جناب الشيخ بإرادتكم، وطلبنا منه إنجاز مأمولكم، وألزمناه بالتوجّه إلى طرفكم، حرصاً على هدايتكم، ورغبة في إرشادكم وتعليمكم معالم دينكم ليحصل لكم الفخر والعزّ في دنياكم، والفوز بآخرتكم، ورضا الله تعالى عنكم.
وقد امتنع واعتذر بعدم إمكان التوجّه في هذه السنة، ونحن لا نرغب مفارقته، ولا نحبّ بُعده عنّا، لأنه أنيس أنفسنا، وعميد مدرستنا، والثقة الأمين عندنا، والمقرّب لدينا، ونحن أحرص على بقائه عندنا منكم على ذهابه إليكم، غير أنّا آثرناكم به على أنفسنا حبّاً لصلاحكم، ومحافظة على دينكم، وامتثالاً لأمر الله علينا فيكم، إذ قد أخذ الله سبحانه على العلماء إرشاد العباد، وإصلاح البلاد، وتنبيه الغافلين، وتعليم الجاهلين، فوجب علينا أن نبذل الجهد في استصلاحكم، والجدّ فيما يقرّبكم إليه، ويزلفكم لديه، وها نحن نرسل إليكم مَن أمرُه أمرُنا، وطاعتُه طاعتُنا. ولعمري إنّه غاية مطلوبكم ونهاية مرغوبكم، قد بلغ الدرجة العالية، والمنزلة السامية، وأحرز شتات الفضائل، وفاق بفضله الجهابذة الأفاضل، فهو بحر العلم الزاخر، وعلم الفضل الظاهر، بنوره يُهتدى وبأفعاله يُقتدى، وعليه المعوّل، وإليه الإشارة . أيّد الله به الدين، وجمع به الكلمة، وأصلح به نظام الأمّة، ومدّ به أطناب الشريعة، وأوضح به منهاج الحقّ، وقمع به دائرة الزيغ، وشدّ به أزر المؤمنين، إنّه أرحم الراحمين.
ولعدم إمكان توجّهه إليكم في هذه السنة تأخّر حتى يستعدّ على كتبه اللائقة وأسبابه اللازمة له، وإن شاء الله تعالى لا ندعه يتأخّر عن التوجّه إليكم إلا مقدار ما يقضي به أوطاره، ويبلغ مآربه، ثم تحظون بالتشرف بلقياه، والسعادة برؤياه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الراجي عفو ربّه
علي رفيش
ملاحظة: حصلنا على هذه الوثيقة وغيرها من سماحة المفتي الجعفري الممتاز العلامة الشيخ احمد قبلان حفيد المقدّس الشيخ موسى قبلان الميسى العاملي قدس سره. انتهى

ترجمة الشيخ موسى قبلان :
 * قال الشیخ آغا بزرك الطهرانی فی الاخر نقباء البشر: «الشیخ موسی بن الحاج حسین بن الحاج خلیل قبلان العاملی عالم فاضل ورع جلیل کامل؛ قبلان من قری جبل عامل و کان المترجم مقیما بها بالوظائف الشرعیه.....؛ و ابنه الشیخ محمد علی من المشتغلین فی النجف-دام توفیقه- و هو القائم مقام ابیه».
الشيخ موسى ابن الحاج حسين قبلان توفي سنة 1350 هجرية. قرأ في جبل عامل ثم في النجف الاشرف وشارك في انشاء جمعية العلماء العاملية وكان عضوا فيها. واحد اعضاء مؤتمر وادي الحجير الشهير الذي رفض الاحتلال الفرنسي وتقسيم المنطقة العربية.