السيد حسن محمود الأمين يرفض رئاسة المحاكم الجعفرية - 1931

 عام 1931 أصدر وزير العدل السيد أحمد الحسيني مرسوما أسند بموجبه للسيد حسن محمود الأمين رئاسة محكمة التمييز الجعفرية، فردّ عليه السيد بهذه الرسالة القاسية:

" أبقى الله السيّد الشريف الأجلّ صاحب المعالي السيّد أحمد أفندي الحسيني وزيرًا للعدل وركنًا للفضل وعزّا للطائفة، وأيّده، وسدّده، والسلام عليه، وعلى من لديه، ورحمة الله وبركاته.
وبعده،
فإنّ الثقة بكم، والإعتقاد بحسن نيّتكم، وصفاء سريرتكم، مع ما نعلمه منكم من النزاهة والتجرّد عن الأغراض الشخصيّة، والإهتمام بالمصلحة العامّة، والسعي وراءها بكلّ إخلاص، لَمِمّا يخفّف الخطب، ويثني عن العتب، ويجعلكم في ساحة العذر.
لقد أسندتم لنا أمرًا يخجلنا - وأيم الله - ذكره، والمرور بحديثه، وما ندري كيف صدر ذلك منكم، وكيف دار في خلدكم، مع ما أنتم عليه من سعة الفكر وأصالة الرأي: (أوردها سعدٌ وسعدٌ مُشتمل ما هكذا تُورَدُ يا سعدُ الإبل). وعلى كلّ حال، فإنّا نشكركم، ونحملكم على أحسن المحامل، ونُفيدُكم صراحةً أنّ هذا الأمر لا يتّفق مع مبدئنا، ولا نقبله بوجهٍ من الوجوه، بل يُعدّ رضانا به من جملة المستحيل، خاتمين كتابنا بما بدئناه (بدأناه) من الدعاء والسلام".
حرّره الأقلّ
حسن الأمين الحسينيّ
٢٨ آذار سنة ١٩٣١
(من محفوظات السيد محسن السيد أحمد شوقي الأمين)


وقد نظم في ذلك قائلاً :
عَرْشُ لبنانَ لَسْتُ أَرْضَاهُ عَرْشَا  ///  لَا وَعَلْيَاكَ وَهْوَ يُرْجَى وَيُخْشَى
لَا أَرَى شُهْبَهُ الطَّوَالِعَ شُهْبَاً     ////   لَا وَلَا رُقْشَهُ الَّلوَاسِعَ رُقْشَا
مَيِّتٌ أَبْصرُوهُ بِالْوَهْمِ حَيّاً    ///       وَرَأَوْا نَعْشَهُ فَخَالُوهُ عَرْشَا
لَمْ يَكُونُوا عُمْشَ الْعُيُونِ وَلَكِنْ // صَيَّرَتْهُمْ مَطَامِعُ النَّفْسِ عُمْشَا
قِيلَ لِي خَصَّكَ الْوَزِيرُ بِأَمْرٍ   ///         رُدَّ مَنْ رَامَهُ بِمُقْلَةِ أَعْشَى
فَعَلَى مَا تَرَكْتَهُ وَعَلَيْهِ ////       مُهَجُ الْقَوْمِ حَوَّمَتْ وَهْيَ عَطْشَى
قُلْتُ رَامَ الْوَزِيرُ نُصْحاً فَلَمَّا ////       لَمْ يُصَادِفْ مَحَلَّهُ عَادَ غِشَّا
أَوَ يَغْشَانِيَ الضَّلَالُ وَفَجْرِي ///    بِالْهُدَى سَاطِعٌ إِذَا الَّليْلُ يَغْشَى
قد لمستُ الدنيا بكفٍّ نزيهٍ // //     لم تؤثِّر به الحوادث خدشا 
أَنَا بَيْتُ الْقَصِيدِ في كُلِّ مَعْنىً ///       وَبِمَدْحِي آيَاتُهُ الْغُرُّ تُنْشَى