رسالة من الشيخ محمد رضا الزين إلى الشيخ محمد تقي الفقيه

كتب الباحث المتتبع الشيخ محمد تقي الفقيه (الحفيد) المشرف على مركز الفقيه العاملي لإحياء التراث في حاريص - جبل عامل : " .... وجدت هذه الرّسالة بين وثائق جدي آية الله الشيخ محمد تقي الفقيه العاملي الحاريصي قدس سره .
وهي مرسلة إليه من عمّه والد زوجته جدّنا العلامة والأديب الشيخ محمد رضا الزّين العاملي قدس سره وهذا نصّها :
السّلام على سيد الأوصياء وإمام الأتقياء ورحمة الله وبركاته .
حفظ الله تعالى وأيّد وأسعد وسدّد العلامة النّبيه الشيخ محمد تقي الفقيه دام وجوده آمين .
بعد التّحية الطّيبة والدّعاء لكم بالتّوفيق إلى سعادة الدّارين والتماسه منكم عند مولانا أبي السّبطين عليه السلام أخذت كتابكم الكريم الذي تطلبون به مني إرسال المجلد الثامن عشر من (العرفان) و (تاريخ المطران الدبس) و (تاريخ جودت باشا)، كلفت ولديّ الجواد وإبراهيم بالتنقيب عليها في مكاتب بيروت، فأجابا أنه لا وجود لها فيها، وأفاداني أن المولى والدكم سأل عنها فلم يقف لها على أثر .
وأخذت كتابكم الثاني المؤرّخ 12 جمادى الآخرى فسررت به إعرابه عن سلامتكم وسلامة من يلوذ بكم، وزاد في سروري مطالبتكم لي بوفائي بالعهد من تشرّفي بالأعتاب المقدّسة في شهر رجب بعباراتكم المنسجمة الأنيقة، وهذا منطوقها :
(أجل هذا هو رجب قد اقترب وذا نحن ننتظره بفارغ الصّبر، وهذه القلوب السّاكنة تستقر في مواضعها ولا يمرّ بها الكرى في مضاجعها، وعَدتَ يا أبا الجواد ووعدك دين لا مطل فيه ولا خلف، ونحن على ثقة من ذلك، فأهلاً بك وسهلاً راجين أن تتفضلوا بإعلامنا عن سفركم الميمون لنُعدّ لكم العدّة التي تليق بكم ... ) الخ
ما أجمل هذه الجمل يا أبا الرّضا، وما أبدع هذا التّعبير الذي يضوع منه عبير الوفاء، أما ومحض إخائك لو كان الوفاء وشخصاً مرئياً لكنته .
لقد شملتني بالعطف وملكت قيادي باللطف . إن لساني المنطيق وقلمي السّيال أخرس وجامد عن أداء المفروض من واجب حقّك ، فأسأله سبحانه أن يتولّى جزائك بالإحسان .
كان العزم على التّشرّف بالأعتاب الطّاهرة في رجب كما أخبرتكم، وقد انفسخ هذ العزم لأمور ثلاثة :
دخول فصل الصّيف ، عدم تمامية سقف الغرفة الثانية . انحراف صحتي ، فإنه من مدّة شهر ونصف عاودني ألم المعدة - القرحة - واستمر معي شهراً قاسيت فيه الأمرّين ، ومنذ نصف شهر ذهب الألم ، وأنا الآن أتمتّع بصحّة جيّدة والحمد لله وحده .
أسفت شديد الأسف لانفساخ العزيمة - ما كل ما يتمنى المرء يدركه . فأسأله وأتوسّل إليه بالذّريعة محمد وآله والغر من رجاله أن يمنّ علي بالتّشرّف بالزّيارة عند انسلاخ فصل الصّيف إنه أكرم مسؤول .
فإن بقيت حيّاً لذلك الوقت طرت إليكم بأجنحة الشّوق، وإن أمت فكم حسرات في نفوس كرام .
من هنا ام إبراهيم والأولاد الجواد وإبراهيم وسليمان والبنيّات بخير ويسلمون عليكم وعلى أمّ الرّضا وأم العلي وأم الحليم وعلى من يلوذ بكم ، ويطلبون أدعيتكم المستجابة .
العلماء الأعلام والمشايخ الكرام التقي الصادق وأبو الأمير الزّين ورضا وظاهر والعارف ومحمد بن الحسن والزّعيم أبو إسماعيل يهدون إليكم وافر السّلام وأطيب التّحيات .
قبل تاريخه بخمسة أيام اجتمعنا في النبطية بالعلاّمة الشيخ خليل ياسين في دار العلامة الشيخ محمد تقي صادق وأنسنا به كثيراً وجرى الحديث بيننا، وللحديث شجون ، حتى أحفينا السّؤال عنكم فأجابنا بما أثلج صدورنا وأثنى عليكم وعلى مكارمكم الثناء الجميل فحيّاه الله وبيّاه وكثر في المؤمنين أمثالكم وأمثاله ، وهو عازم على الرّجوع إلى النّجف لإحضار عائلته إلى بلدة العباسية ليستقرّ بها لإرشاد إهلها ومن جاورهم ، وهو بخصّكم بالسّلام .
مني تقديم واجب الاحترام إلى حجة الإسلام مولانا السيد المحسن وإلى أخيه العلامة الجليل السيد المحمود وإلى من يلوذ بهما ويمتّ إليهما بصلة .
والسّلام على ابن العم عبد الغني مني ومن شقيقته والأولاد ، وهي تلثم أنامل السّيدين الأفضلين خاليها دام وجودهما النّافع .
مني السّلام لكافة الأخوان العامليين والنّجفيين لا سيما العلامة الشيخ قاسم محيي الدّين والشّيخ عبد الله نعمة العريق بالفضل والتّقى ، وإن سيادة المولى والده المعظّم ومن يلوذ به بخير ويهدي إليكم وإليه وافر السّلام .
مني لثم وجنات قرّة النّأظر المحروس المحبوب محمد رضا جعله الله تعالى نشواً صالحاً مباركاً يعيش بكنف ظلكم الظليل آمين .
وكتب 25 جمادى الآخرة سنة 1365 27 أيار 1945 م - عمكم محمد رضا الزين". انتهى