طرائف موسى الزين شرارة


موسى الزين شرارة: شاعر عاملي من مدينة بنت جبيل الجنوبية، تلقى علومه في كتاتيب المدينة ومدارسها وعلى مشايخها،  ثم تمرّد على علماء عصره وعلى السياسيين، عمل فترة من الزمن في المهجر الأفريقي وبعدها عاد وترأس بلدية بنت جبيل لبضع سنين، عرف عنه حبه للمدامة واللهو وزمالته للشاعر عبد الحسين العبدالله. وإليكم بعض طرائفه الشعرية:
1- تناهى إلى أسماع أحد المشايخ ، أن موسى الزين شرارة ترك المدامة واللهو وعكف على الصلاة والالتزام بالواجبات الدينية، فمدحه وأثنى عليه. فلما علم الشاعر بذلك كتب قائلا:
علّامة العصر من أنباك قد كذبا — أنّي أصلّي فعقلي بعد ما ذهباولحيتي لم تطل بعد كلحيتكم — ولا عقفت كابن الأسعد الشنباولا حملت كذيل الهرّ مسبحة — ولا تركت الهوى والشعر والأدبانُكبت ُ بالشعر يكفيني نوائبه — دعني ومن بالصلا والصوم قد نُـكباعفت الصلاة لشيخ راح يمنعني — شرب المدام ودوما يشرب العنبايعذّب الله من خان البلاد ومن — باع الضمير و من مارى ومن سلباأمّا أنا كي أزيد النار فوقكم — قدّمت جسمي إلى وقّادها حطبا 
2-  وعن السواك والمشايخ نظم قائلا:
قالوا رأينا الشيخ يحمل عودةً —– وبها يمصّ على الدوام ويعلك ُ 
لا سكّر فيها ولا عسل ٌ إذا ً —— ما باله في حملها متلبّك ُ 
هذه سواك ما اقتناها عابثا —— شيخ ٌ عريق ٌ في الخداع محنّك ُ 
أكل اليتيم وخشية من أن يُرى — أثر ٌ على أسنانه يتسـوّك ُ
3- وتابع مهاجما المشايخ ذوي العمامات الكبيرة:
أمكبّرا ً حجم العمامة لا تخل —– أن العمامة لم تزل تغريني 
سمن ُ العمامة غير مجدٍ إن يكن — قلب الفتى بالدين غير سمين 
إن كان في كبر العمامة ديننا —– فلنسجدنّ لعزة اليقطين 
4- وفي غمرة اشتداد وطأة الفرنسيين على جبل عامل، شطّت  الفتاوى ببعضهم فحرّم قراءة الصحف والمجلات والدراسة في الكتب الأجنبية (لا سيما الفرنسية) لما كانت تحوي آنذاك من تجنٍ على جبل عامل وأهله، فلما علم موسى الزين شرارة بهذا الأمر كتب قائلا:
حسبت ُ (عامل) في بلواه منفردا —– إذ حرّم الشيخ فيه رؤية الصحف ِ 
حتى سمعت وبعض الصحب أكّد لي —– بأنّ ذلك مأخوذ من النجف ِ
عجبت من لجنة الآثار كيف سهت — عن عرض أشياخنا في معرض التحف ِ
5- اجتمع موسى الزين شرارة مع الشيخ محمد نجيب مروة في صيدا بدارة الشيخ أحمد عارف الزين، وسهروا جميعا، إلى أن حان موعد النوم فنام الضيفان معا ، وكانت ليلة ليلاء على موسى الزين شرارة الذي لم يستطع النوم لشدّة شخير الشيخ مروة فكتب له هذه الأبيات :
وشيخ بالنهار خفيف ظل ّ ٍ —– وددت لو أنه أبدا سميري 
أديب قارض للشعر راو ٍ —– أمير بالنظيم و بالنثير ِ
فإن يمدح يبزّ أبا تمام —– وإن يهجو فأهجى من جرير 
يشيع بكل حفل حل ّ فيه —– وناد ٍ كلّ أنواع السرور 
ولكن في الدجى إن نام طود ٌ —– على الأسماع أثقل من ثبير 
له إن تغفو أعينه شخير —– كنفخ الصور في يوم النشور 
فسلطان الفكاهة والقوافي — إذا ما نام سلطان الشخير
6- طلب منه بعض المشايخ امتداح (البن) القهوة فقال:
يكلفني امتداح البن شيخ —– لها وهب الحشاشة والفؤادا 
حثثت الشعر فاستعصى كأنّي —- لشيعي ّ أقول امدح زيادا 
تعالى الشعر إنّ الشعر فن ّ —– لغير الحسن لم يسلس قيادا 
بحثت فلم أجد في البـُن ّ حسنا — إذا غنـّى القريض به أجادا 
7- علّق الشاعر موسى الزين شرارة على صورة للشيخ علي الزين (من جبشيت) منشورة في إحدى الدوريات فقال:
قلت ُ لما رأيت هذا المحيا —– طافحا بالجمال مثل البدور ِ
أيّ رسم هذا أجابوا (عليّا) —– قلت ُ هذا ضرب ٌ من التزوير ِ
قد عرفنا العليّ كالقرد ِ شكلا — وعرفناه بالجمال ك(نوريّ )
كنتم تكذبون قدما وباتت —– تكذب اليوم آلة التصوير ِ 
فردّ عليه الشيخ علي الزين بما يلي:
أحبّك لا لأنّ أباك شيخ ٌ —– ولا من حيث نائبنا ابن عمّك 
ولكن في جمالك لي غرام — تعالى اللحيّكك في بطن أمك 
ومن ّ عليك في عقل ضعيف — نحيف أو خفيف مثل دمّك 
فأغرى فيك أشعاري فباتت —– متيّمة بمدحك أو بذمّك
* اللحيّكك: كلمة عامية تعنى الذي حاكك (مِن حاك يحيك) 
8- زار وزير الإقتصاد الوطني بنت جبيل مرة  فانبرى له الشاعر موسى الزين شرارة وقال له:
يا وزير الإقتصاد الوطني —– قل لنا من أين أصبحت غني 
لم تهاجر لم تتاجر لم ترث —– عن أبيك الفذ غير الرسن ِ 
لو قضى والدكم فيما مضى —- غـُرّمت قريتكم بالكفن ِ 
مع أن هذه الأبيات مشهورة بأنها للشاعر عبد الحسين العبد الله (من الخيام) إلا أن الكاتب حسن علي شرارة أوردها في كتابه (ألطف الطرائف المعاصرة ) ونسبها للشاعر موسى الزين الشرارة
9- تولى موسى الزين شرارة رئاسة بلدية بنت جبيل ، فأرسل له أحد الصحفيين جريدته وكان يواظب على إرسالها إلى الوجيه الكبير موسى الزين شرارة ، ظنا منه أنه أحد الأثرياء، فكتب إليه الشاعر ما يلي :
لقد وصلت صحيفتكم فشكرا — إذ هي كالهدية بالبلاش ِ 
فإن تبغي لها بدلا فإنـــي —– زعيم المفلسين بلا نقاش ِ
بـُليتُ بظالم يدعى ضميرا — يراقبني ويراعني كواشي 
ووجدان أعيذ الله منه — برغم تجددي رجعي انكماشي 
يجنّ برغم إفلاسي إذا ما — رأى وجه النقود بكفّ راش ِ
وأدهى منهما أني أديب — رقيق الشاعرية والحواشي 
وأني شاعر لكن بأرض — بها سوق القوافي غير ماشي 
جرير لا يباع بها بفلس — ولا نظم ابن هاني والرقاشي
أيعقل أن يكون لديّ مال — وداء الجيب في الأدباء ماشي ؟ 
ففي عهد الرخاء أخو القوافي — يبيت على الحصير بلا فراش ِ 
فكيف ونحن في عهد عصيب — كزنجيّ تجهّم أو نجاشي 
يموت أديبه جوعا ويهنى — غبيّ باللحوم وبالمحاشي 
ويرقد ذا على بؤس بكوخ — وذاك بقصره فوق الرياشي 
لذا إن شئت تبدلها بشعر — يكون الغزل من نوع القماش 
وإلا فاحبس الأعداد عنّي — ولا تخجل أخيّ ولا تحاش ِ 
لأنّ وظيفتي واحرّ قلبي — كما عرف الجميع بلا معاش ِ