مقتل الشهيد الثاني 965 هـ

من قناة (التراث والتحقيق) _ تليغرام:
"قُبض شيخنا الشهيد الثاني مؤلف شرح لمعة (شرح اللمعة) في مكة المكرمة السلطان سليمان (القانوني) ملك الروم في ثاني شهر ربيع الأول سنة خمس وستين وتسعمائة، وكان القبض عليه في مسجد الحرام بعد فراغه من صلوة العصر وأخرجوه على بعض دور مكة وبقي محبوس هناك شهرا ثم ساروا به على طريق البحر على (إلى) قسطنطينية ... وقتلوه بها في تلك السنة وبقي مطروحا تسعة ايام ثم ألقوا جسده الشريف في البحر قدس الله روحه. وكانت ولادته (في) أحد عشر وتسعمائة.... ".


وكان الباحث المتتبع الشيخ محمد تقي الفقيه (الحفيد) قد نشر صورة لمخطوطة النهروالي الذي كان شاهد عيان على عملية القبض والقتل وفيها :
"في ثاني شعبان أمر الوزير الأعظم بقتل الشيخ زين الدين الجبل عامري [عاملي] فأتي به إلى الديوان ولم يُسأل عن شيء وأمر به إلى الإسقالة فقطع رأسه هناك وفلجوا أخمص رجليه بالسيف وكان يتشهّد عند قطع رأسه, وكان من قصّته أنه كان بالشّام في أيام حسن بيك أفندي وكان متّهماً بالرّفض فأُخذ وأُتي به إلى حسن بيك فسأله عن مذهبه فقال أنه شافعي وتكلّم معه بكلمات علمية فإنه كان فاضلاً متقناً وترضّى عن الصّحابة وأورد أحاديث شريفة في فضلهم وفي فضل الشّيخين رضي الله عنهما فأحسن إليه الأفندي حسن بيك وأطلقه .
فلما برز من عنده قيل للأفندي: إن هذا من كبار علماء الرافضة وهو مجتهد مذهبهم وله عدّة كتب في مذهب الرافضة؛ فأرسل إليه يطلبه ثانياً, فاختفى ولم يظهر وصار ذلك عقدة في خاطر حسن بيك قاضي الشام وتأسّف على خلاصه من يده .
فعزل عن الشام وولّي قضاء مكّة المشرّفة فصادف وجود الشيخ زين الدين بمكة فأخبر الأفندي حسن بيك بأنه في مكّة فأمر بالقبض عليه, فقُبض عليه فحبسه .
وسعى كثير من الناس في إطلاقه وبذلوا له على ذلك مالاً فتسلّم المال وقال: هذا من عند مَن؟ فقيل له: من عند الخواجا محمد مكي . فطُلب وسُئل عن ذلك فأنكر أن يكون المال له, فذهب المال وعجز الناس عن استخلاصه. فأرسله إلى مصر مقيّداً مع حسين بيك كتخدا وأمره أن يوصله إلى الوزير الأعظم فأوصله إليه فأمر بقتله على هذه الصّورة .
وكان رجلاً ظاهره في غاية الاستقامة والله تعالى أعلم بباطنه, وكانت له فضيلة تامّة وحسن محاورة ولطف مكالمة تجاوز الله تعالى عنه ومحا سيئاته فإن السّيف محاء للذنوب". انتهى نص المشرف على مركز الفقيه العاملي لإحياء التراث.