الصرفند كما رسمها دافيد روبرت عام 1839




الأسعد: لتسليح أبناء الحدود -1970

 بعد المؤتمر الشعبي الذي عقده الرئيس كامل الأسعد في النبطية، لمناقشة الأوضاع الجنوبية ومشكلة النزوح والاعتداءات، تقرر الدعوة لمسيرة شعبية ومطالبة الحكومة بثلاث نقاط:

١_ إبعاد النساء والاطفال والشيوخ عن خطوط المواجهة وتأمين المساكن لهم في الخطوط الخلفية.
٢_ تسليح أبناء الحدود القادرين على حمل السلاح
٣_ تأمين الملاجئ الافرادية الصحيحة لكل بيت
من محفوظات سامي الجواد - نداء الوطن 19 حزيران 1970 



بلدة شحور تندب العلامة السيد عبد الحسين شرف الدين

بالحزن نلوي جيدنا... منذو فقدنا سيدنا

وكان من الأبلغ القول:
بالحزن نلوي جيدنا... لمّا فقدنا سيدنا

وقد رثا الشاعر الراحل محمد الزين  السيد عبد الحسين شرف الدين (قده)، ببيتين من الندب قالهما امام أهالي شحور ايضا: 
مات اللي كان بيمينو... بحر يروي القاصدينو
حامل أسرار الأئمة.... وكيف فيكون حاملينو
الصورة من محفوظات Reda Chamouni


فتاة عاملية بالقرب من قلعة الشقيف 1950

فتاة عاملية بالقرب من قلعة الشقيف 1950، تملأ جرّتها بالماء من البئر عبر السطيلة (تصغير سطل)
وقد وضعت خرقة قماش على فوهة الجرة لتنقية المياه من الشوائب.
ويُلاحظ أنها حافية القدمين وقد تركت حذاءها خلفها.
الصورة الأولى : الأصل بالأبيض والأسود
الصورة الثانية تم تحسينها وتلوينها بال AI
من محفوظات Reda Chamouni







مشاهد أهل البيت في مقبرة الباب الصغير بدمشق - 1910

 جاء في كتاب (الشاهد المقبول) للسيد شيخ الحبشي في وصف رحلته الى مصر والشام واسطنبول عام 1910

" فخرجنا معا الى محل يقال له الباب الصغير لزيارة مَن فيه من الصحابة والاولياء، فدخلنا اليه وأول مَن زرناه سيدنا اوس الثقفي... ثم زرنا سيدنا بلال الحبشي... ثم سيدنا عبد الله بن جعفر الصادق... ثم فاطمة الصغرى بنت سيدنا الحسين ... ثم سيدنا عبد الله بن زين العابدين...".


في أدب وشعر شواهد القبور العاملية

وهو باب غني، قد يؤلّف ديواناً بل دواوين من الشعر العامودي والزجلي ، كما يتضمن فن التأريخ الشعري المعتمد على حساب الجمّل.

ومنه هذه الأبيات التي وجدتها على شاهد لضريح الحاجة أم علي ذيبة ترحيني في بلدتي عبا، نظمها شاعر مجهول وفيها:
ذيبة اهدوا لها فاتحةً //// من كنوز الحمد والذكر الجلي
حجة من آل ترحيني العُلى  /// قلبها بالطهر والدين ملي
من عميس الخير شهما أنجبت //يونس والد الشهم العلي
ومضت لله في زاد التُقى //////////حسبها الله وطه وعلي

وقد اصدر الأستاذ حسن الحرّ كتابا عن أدب شواهد القبور في بلدته جباع 


الغصنُ أزهر ... وغدا يميسُ - شعر الشيخ باقر شرارة

من شعر الشيخ باقر شرارة:

الغصن ازهر وارتدى ببرودِ /// وغدا يميسُ بقدّه الأملودِ
وعلى الأراكِ غدا الهزار مغرّدا /// يتلو الهنا مترنّماً بنشيدِ
وكذا البلابل أفصحت بلغاتها /// عن كل شجوٍ يصبي كل فريدِ
وحمامة تدعو الهنا بهديلها/// تركت عزيز القوم غير جليدِ
والطلّ ما بين الرياض تخاله ///   حبباً بدا من إبنة العنقودِ
وبنات ربّات الخدور كأنّها   ///   أغصان بانٍ زُيّنت بعقودِ
ترنو بمقلة جؤدرٍ سفّاكة   /// وبقامةٍ تحكي غصون الميدِ
ذاك ابن أحمدَ ليثُ كلّ عريكةٍ ///منح الورى من طارفٍ وتليدِ
بسنا مكارمه لقد حمد السري ///  وبسيفه كم راع من صنديدِ
الماجدِ الندبِ الهمامُ ابو العلى ///واخو الندى والفضل مأوى الجودِ

الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي ومعاناته في جزيرة أوال

 كان الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي، والد الشيخ البهائي العاملي، قد ارتحل للبحرين وبقي فيها لحين وفاته في قصة مشهورة.

ولما سمع علماء البحرين بقدومه، التمسوا من الشيخ داوود بن شافيز _ وهو مشهور بالجدال _ ان يحضر مجلس العاملي. فحضر ذات يوم وابتدر بمنازعة الشيخ حسين بن عبد الصمد والبحث معه، مع أنه لا تناسب بينهما في الرتبة العلمية، بل لم يكن في تلك البلاد من هو في مرتبة الشيخ حسين... ولما انقضى مجلس الجدال كتب الشيخ العاملي:
أناس في أوال قد تصدّوا
لمحو العلم واشتغلوا بلم لم
فإن باحثتهم لم تلقَ منهم
سوى حرفين لِمْ لَمْ لا نسلم



تراث الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي - والد الشيخ البهائي

كتب الفاضل المتتبع الشيخ محمد تقي الفقيه (الحفيد) - المشرف على مركز الفقيه العاملي لإحياء التراث-حاريص-جبل عامل:
" كان والد الشيخ البهائي (الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي) من الملازمين للشهيد الثاني في رحلاته الداخلية والخاريجية، حيث رافقه في رحلته إلى اسطنبول والعراق ومصر، وبعلبك والشام، وفي أثناء رحلته إلى مصر كتب عدداً من المخطوطات بخطّه الشريف، وكذلك في بعلبك حيث عثرنا على هذه النسخة من كتاب تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي (ره) كتبها بخطّه في مدينة بعلبك، وقد أجازه الشهيد الثاني في نهايتها بإنهاء هذه صورته: أنهاه أدام الله تعالى تأييده وتسديده وأجزل من كل عارفة حظّه ومزيده، قراءةً وتصحيحاً وضبطاً في مجالس آخرها يوم الأحد لخمس مضين من شهر ربيع الآخر سنة خمس وخمسين وتسع مائة. وأنا الفقير إلى الله تعالى زين الدين بن علي بن أحمد الشامي العاملي حامداً لله تعالى مصلّياً على رسوله محمد وآله مسلّماً مستغفراً. وهذه صورة انتهاء والد البهائي من نسخ المخطوطة: ...[كتبها] أفقر عباد الله وأحوجهم إلى رحمة ربه الغني حسين بن عبد الصمد الجباعي الحارثي الهمداني وفّقه الله لمراضيه بمدينة (بعلبك) في شهر ذي القعدة سنة خمسين وتسع مائة هجرية على مشرفها السلام، والحمد لله وحده، وصلّى الله على نبيّه محمد وآله وصحبه وسلّم" انتهى

والد الشيخ البهائي العاملي : العجم لا دنيا ولا آخرة

جاء في أحد كتب د. علي الوردي : " ... من أشهر العامليين الذين وفدوا إلى إيران بعد الكركي هو الشيخ حسين بن عبد الصمد وقد حلّ محل الكركي في منصب شيخ الإسلام.... فلم يستسغ الترف والجاه كما استساغها الكركي وأخذ يتذكر ما كان عليه أساتذته في جبل عامل من شظف العيش والكدح في سبيل الرزق. ... ذهب إلى الحج ومن هناك آثر السكنى في البحرين ثم كتب الى ابنه الشيخ محمد البهائي (العاملي المشهور) يحرضه على ترك إيران وصحبة السلطان... ( إذا كنت تريد الدنيا فاذهب الى الهند، وإذا كنت تريد الآخرة فاذهب الى البحرين، واذا كنت لا تريد الدنيا ولا الآخرة فتوطّن في بلاد العجم).. وقد توفي في البحرين" انتهى


لسعة البرغوث في تبنين - شعر الشيخ إبراهيم صادق

بات الشيخ ابراهيم صادق (1806- 1865م)، ليلة في قصور قلعة تبنين، وكان الجوّ حارّا، وقد كثر البعوض والبراغيث، فلم يستطع علي بك الأسعد النوم ، فكتب الشيخ إبراهيم:
أتخشى لسع برغوثٍ حقير
وفي أثوابك الغرّاء ليثُ
فلا يدنو لك البرغوثُ إلّا
لأنّك للورى برٌّ وغيثٌ
فأجازه علي بك الأسعد على ذلك جائزة سنيّة.


الحج الى تبنين - شعر الشيخ علي مروة - ت 1864

يرفع الشيخ علي مروة وتيرة المدح، مخاطباً تبنين وحاكمها علي بك الأسعد:
ذريني للعُلى أسعى فإنّي
وجدتُ إلى طريق المجدِ بابا

وها أنا سائرّ من فوق عنسٍ
تجوب بيَ الفدافدَ والهضابا

إلى تبنين مَنْ حجّتْ إليها
جميع الناس خاضعةً رقابا

ترى ملِكاً تفيض يداه بحراً
كأنّ بكل أنملةٍ سحابا

ترى العظماء مطرقةً لديهِ
كأنّ على روؤسهمُ العُقابا

الشيخ علي مروة صاحب القصيدة، توفي عام 1864 م، وذلك تمييزا له عن الشيخ علي مروة الثاني المتوفى عام 1920 

أنظر أيضا : 
احبس ركابك - الشيخ علي مروة ت 1864



يغشى الهيجا بقلب علي - شعر الشيخ إبراهيم الحر الصوري

يصف الشيخ ابراهيم الحرّ الصوري، معركة البحرة وشجاعة الفارس أبي حمد النصار وأخيه ناصيف النصار، فيقول :

ما أبطل حكم الجور سوى
صمام أبي حمد البطلِ

بحرٌ يحبوكَ بلجّته
والبحر ضنينٌ بالوشلِ

مقدامٌ ، ذكْرُ وقائعهِ
في كل زمانٍ لم تزلِ

سلْ يوم البحرة ما فعلت
كفّاه بفرسان الدولِ

أكرمْ بالخيل إذا وفدت
إذّاك بناصيف البطلِ

ميمونُ الطلعة مقتدرٌ
يغشى الهيجا بقلب علي

و هنالك شتّت شملهُمُ
ذو الطولِ فعادوا كالثّملِ.


عزّزوا أوطانكم - شعر عبد الحسين بسام _ عيناثا

يكفي نداءً أيها الشعراءُ 
لم يُلقَ للداء العضال دواءُ

ترجو النجاح بلادنا ، وتقدمت
رغم الأباة، بجهلها السفهاءُ

أمسوا عبيد مطامع النفس التي
لم يُرجَ منها للعهود وفاءُ

خلّوا الكلام وعزّزوا اوطانكم
بالفعل صدقا كي يزول الداءُ 

الحقّ للرجل القوي، ألم تجد
عدلا به تتقدّم الضعفاءُ؟؟

الشاعر عبد الحسين بسام - مجلة العرفان - 1938 



هل انتصر ناصيف النصار في واقعة طربيخا على ظاهر العمر

الشائع عند المؤرخين العامليين، أن ناصيف النصار (شيخ المتاولة) قاتَل ظاهر العمر (حاكم عكا) بسبب خلافهما على قرية (البصة) وأنه (اي ناصيف) استطاع هزيمة (ظاهر) وضمّ البصة لجبل عامل تحت حكمه.

قال الشيخ أحمد رضا في مقاله المنشور عام 1910 في مجلة المقتطف عن المتاولة في جبل عامل  : " أهمها وقعة تربيخا الذي أثارها اختلافهما على قرية البصة على الحدود بين بلاد عكاء وبلاد بشارة. واكتن هذه المعركة للمتاولة على الصفديين" انتهى 

ولكن ميخائيل صباغ في كتابه (تاريخ ظاهر العمر) يروي القصة بطريقة مخالفة، ويقرّر ان المعركة كانت سجالا انتهت لصالح ظاهر العمر وأن ناصيف النصار كان يدفع الميري لظاهر العمر مقابل ان يمنع عنهم الظلم...



السيد طاهر فضل الله - (1865- 1942)

في عيناثا إحدى قرى جبل عامل،حيث تنفست الأرض العلم وتفتحت في الساحات قصائد الشعر والمواقف، ولد السيد طاهر فضل الله في اسرة علمية وبيت عامرٍ بالعلم والأدب .تلقى علومه الاولية على والده السيد طالب ثم استكمل دراسته على يد علماء كبار في بلدته عيناثا ومدرسة بنت جبيل وغيرها حتى وصل الى مرحلة علمية خولته ان يرتقي المنبر باكراً.كان خطيباً حسينياً مُفوهاً ،مزج بين السيرة الحسينية والوعظ والإرشاد، وعالماّ دينيا مرمُوقاً ،عرف في قريته والقرى المجاورة بحضوره وخُطبه التي كانت تجسد واقعة كربلاء كما لو كان يشاهدها،كما جدد في اساليب احياء المواسم العاشورائيه عبر اقامة مسرحيات تشبيهيه لمأساة كربلاء ببلاغة مسرحية من خلال عرض لواقعة الطف ،حيث كان موكب السبايا يسير في الطرقات مع قوافل الجمال والخيول حيث تحتشد الاهالي والعلماء وصدى صوته الشجي يبكي الحجر ويلهب القلوب.
لكن دوره لم يقتصر على الدين، بل امتد إلى مقاومة الظلم ، وقف بشجاعة في وجه تعسف الحكم العثماني حين بدأ الجنود يسوقون شباب القرى إلى أتون الحرب في ما عرف ب"السفر برلك"، ذاك النفي الجماعي الذي التهم الرجال دون رجعة.
رأى السيد طاهر في ذلك جريمة لايسكت عنها،فوقف موقفاً شجاعاً لا يأخذ إلا من أهل البصيرة والعزم. حاول ثنيهم بالحكمة والموعظة ، لكنهم اصروا ،فما كان منه إلا ان ابتكر حيلة نادرة، فصنع ختماً خشبياً باسم السلطة العثمانية ،يمنح بموجبه تصاريح تُعفي الشباب من الخدمة.
سارت الأمور بهدوء الى أن أرهق الخوفُ أحد حاملي التصريح فاعترف تحت الضغط بمصدره.
صدر الحكم سريعاً: لإعدام شنقاً. في شهر رمضان 1916
أُرسلت قوة عسكرية وحاصرته في داره. لكنه بدهاء العلماء ارتدى عباءة نسائية سوداء ،وخرج من أمام الجنود كأن لا شأن له بالامر ،متخفياً في ملامح أمٍ أو أختٍ من نساء عائلته.وما إن اقتحم الجنود الغرفة التي كان يُفترض أن يكون فيها حتى ادركوا خديعتهم .

تضحية تُغطي الانسحاب
لكنهم لم يخرجوا خالي الوفاض.اذ أمسكوا بأخته السيدة *جميلة فضل الله* ، رهينة آملين أن يُسلم نفسه. لكن الفتاة كانت من ابرز نساء زمانها علماّ وقيادة وصاحبة أكبر مدرسة قرآنية يقصدها الطلاب من قرى عديدة، لتعلم القراءه والكتابة في زمنٍ سادت فيه الأمية ،خاصة بين النساء . كانت تعرف أنهم يريدونها وسيلة ضغط وأنهم يقتادونها الى المغفر في بنت جبيل كورقة في محاولة لكسر صمود اخيها.
كانت تمشي معهم بخطى ثابتة ،لا تسأل عن مصيرها بل كيف تحفظ مصير اخيها.وعند مرورهم قرب عين الماء القريبة (عين الجوزة) أستأذنتهم بشرب الماء .
اقتربت من العين، رفعت رأسها الى السماء ،وصرخت من اعماق القلب: "الله اكبر"
ثم ألقت بنفسها داخل عين الماء على عمق خمسة عشر متراً بكل وعيٍ وجرأة. عندها ارتفعت أصوات النساء بالصراخ والعويل مدعين أن الجنود هم من دفعوها.
فزع الجنود من ردة فعل الناس وفروا مذعورين نحو بنت جبيل كأن صاعقة نزلت ،فهربوا يجرون خلفهم خيبتهم وتركوا المكان ومن فيه.وأسرع من بقي من رجال القرية واخرجوها من العين سالمة لم تصب بمكروه،كأن العناية الإلهية مدت لها يداً من الغيب .
لقد غطّت انسحاب اخيها بجسدها ،وواجهت البنادق بالدعاء والتكبير ،وعين ماء ،وكتبت صفحة نادرة في سجل التضحيات ،لم تكن فقط فتاة تُعلم وصاحبة اكبر مدرسة قرآنية ،بل كانت مدرسة في التضحية ،وقلبها قلب فارس لا يعرف التراجع.
أما السيد طاهر فبقي متخفياً حتى هدأ الليل ،ثم تسلل الى قرية *مجدل سلم نزل فيها عند السيد محمد حسن فضل الله الذي كان يومها يطلب العلم على جده لأمه الشيخ مهدي شمس الدين. ولما شاع خبر وجود شخص فار ،خشي البعض وخافوا من ردة فعل السلطة العثمانية ضد القرية واهلها ،فجاء وفد من وجهاء البلدة يطلبون من مضيفه أن لا يسمح له في البقاء في قريتهم. لكن ذلك اصطدم برفض قاطع من السيد محمد حسن قائلاً :
"ما يصيبه يصيبني ،وانا أتحمل مسؤولية بقائه،".
كان السيد طاهر يسمع هذا الحديث من خلف الستار ،فعلم أن بقائه اصبح غير آمن وقد يجرّ البلاء على أهل البلدة.وفي الليلة نفسها ،قرر الخروج.

وهنا تبدأ رحلته الكبرى.
خرج في سواد الليل وحده ، يقطع الوديان والجبال،لا رفيق له سوى نجوم متناثرة في السماء.وفي شعاب الاحراش كانت الأرض تسكنها الوحوش اكثر من البشر . حيث الغابات تمتد كثياب الليل ،كان عليه أن ينجو لا من الجنود هذه المرة،بل من الحيوانات المفترسة.كان يختبىء خلف الصخور حين يسمع دبيب الذئاب أو زئيرا يتردد من جبل الى جبل، تقشعر له الأبدان ،تسلق الأشجار إذا اقترب الخطر،وسكون الله في قلبه.
كانت رحلة نجاة من كل أشكال الموت: القتل ،الخوف ،الوحشة،الجوع.
أخيراً وصل إلى العريش في مصر، حيث لا يعرفه أحد ، اعتمر عمامة على المذهب المالكي وأقام بين الناس إماما وخطيبا وواعظا ،فأحبوه وأكرموه كأنما عاش في أرضهم لا غريباً ولا لاجئاً ،دون أن يعلموا قصته الكاملة.
لكن الشهامة والشجاعة لا تغيب عن أهل الإيمان، فحين وصله خبر وفاة إبن عمه السيد فضل الله فضل الله(والد السيد اسعد فضل الله إمام بلدة القليلة ،والسيد محمد) الذي كان من أوائل من سيق إلى الجندية ،وقد وافته المنية في أحد معسكرات الجيش العثماني في مصر ،ولم يكن يبلغ الأربعين من العمر.سارع السيد طاهر إلى تغسيله وتكفينه بيديه والصلاة عليه وشارك في دفنه رغم الخطر.
بعد زوال الحكم العثماني عاد السيد طاهرإلى قريته عالماً وخطيبا ،بقي يؤدي رسالته التي لم تنقطع: على المنبر ،وفي البيوت ،وبين الناس حتى وافته المنية في شهر ربيع الأول 1360 هجرية، وأوصى أن يصلي عليه آية الله السيد محمد حسن فضل الله،وقد اصبح يومها من كبار المجتهدين ،صلى عليه بمهابة وشيع تشيعا مهيباً ،ودفن في مقبرة خاصة.
وهكذا ظل اسم السيد الشجاع وأخته العالمة قصة تُروى جيلا بعد جيل تثبت أن في جبل عامل رجالاً ونساء كتبوا التاريخ بالحبر والدم والحكمة.
ختم وتوقيع السيد طاهر فضل الله (إمام قرية عيناثا طاهر ١٣١٢).ما يعادل 1894ميلادي