موسى شرارة وسرقة الجبّة والساعة

في جلسة ادبية لعدد من ادباء وعلماء الجبل الأشم ولكن في النجف الاشرف تلفلفوا جميعا بجببهم وعباءاتهم واعتمروا بعماماتهم وخرجوا عام 1931 للأحتفال بزيارة صديقهم الشاعر والاديب اللبناني موسى شرارة.
اصطحبوه الى الساقية التي اعتادوا على الالتقاء عندها خارج المدينة على عادة اهل النجف الاشرف وهناك اعد كل منهم قصيدة ظريفة تأبينا لافتقاد الشيخ موسى شرارة لجبته وساعته .
 ابتدأ الشيخ جعفر همدر منشدا:
لم يشك "موسى" مثلما "موسى" شكا ** من قوم فرعون الخبيث العاتي
مما يزيد بليتي ومصيبتي  ** ويهيج الأحزان والزفرات
إني فقدت ملابسي وعباءتي ** وسويعتي في أحرج الأزمات 
إن الثياب مصيرها ومآلها ** نحو الفناء بأقرب الأوقات
من كان مثلك لابسا ثوب العلى ** أو يعتني باللبس والبدلات؟
ثم انطلق الشيخ محمد مغنية من بعده يواصل هذه المواساة بذات الوزن والقافية:
إني اقدر من ثيابي جبتي ** أذ انها سبب لحسن معيشتي
اوصيت "مهدي" ان يوسع كمها ** قصدي بذلك ان يطابق ذمتي
لما انتهى الخياط قلت مفاخرا ** الآن طارت في العوالم شهرتي
فرجعت اطلبها أفتش حائرا ** تحت اللحاف وتحت طي الفرشة
إن الملابس يا صديقي بأسرها ** فخر النساء وسلوة للصبية ِ
يغنيك من قطع الثياب جميعها ** علم واخلاق وطيب سريرة ِ
هي للنفوس الطاهرات سلامة ** في هذه الدنيا ويوم البعثة ِ
كان بين الحاضرين ضيف آخر من لبنان هو الشيخ حسين شكر البعلبكي، الذي راح هو الآخر يواسي صاحبه:
أدهى النوائب والمصائب قصتي ** سرقت ويا أسفي الجديدة جبتي
شلت يمينك ايها اللص الذي  ** كدرت من دون البرية عيشتي
ولم يتمالك الضيف المنكوب غير ان يواجه خطابه هو الآخر للحرامي من زاوية فلسفية حكيمة فقال:
يا سارقي لو كان عقلك راجحا ** وفهمت ما معنى الحياة الحقةِ
لسرقتَ روح المفسدين وطهّرتَ ** كفاك من رجس المنافق بلدتي
إن الحياة لفي صلاح نفوسنا** لا في تحقق شهرة وملذةِ
أحسبت أن المال يرفع سافلا ** فجعلت تسرق لاجتماع الثروة
لا ترفع الأنسان كثرة مالهِ** ما دام يعوزه دماغ الرفعةِ
من كتاب "كتاب النوادر" للأديب أحمد القزويني
(من مشاركات الاستاذ بلال ترحيني في صفحة طرائف الادب العاملي على الفيسبوك)