بين الشيخ محمد نجيب مروة والشاعر موسى الزين شرارة - الشاخروالساخر



                       الشيخ محمد نجيب مروة 
كان الشيخ محمد نجيب مروة عصاميا تغلّب على ظروفه السيئة وأبى إلاّ أن يجلو للآخرين شرف معدنه وحسن فطنته، فأصبح من أعلام الواعظين والمتأدبين. وكالكثيرين ممن عانوا من الحياة، انصرف الشيخ الى قتل همومه بالسخرية والفكاهة وسار في ذلك سيرة العديدين من فقهاء الإسلام الذين جمعوا بين علوم الدين وخفّة الظرفاء، وأصبح مجلسه عامراً بالنكات والطرائف والمقالب.
حدث له أن قضى ليلة مع صديقه موسى الزين شرارة، أقضّ فيها مضاجع صاحبه المضيف بالشخير طوال الليل، ولم يتمالك هذا غير أن يقطع أوصال أرقه بنحت قصيدة يهجو فيها ضيفه على شخيره. فقال :
وشيخ بالنهار خفيف ظل ّ ٍ —– وددت لو أنه أبدا سميري 
أديب قارض للشعر راو ٍ —– أمير بالنظيم و بالنثير ِ
فإن يمدح يبزّ أبا تمام —– وإن يهجو فأهجى من جرير 
يشيع بكل حفل حل ّ فيه —– وناد ٍ كلّ أنواع السرور 
ولكن في الدجى إن نام طود ٌ —– على الأسماع أثقل من ثبير 
له إن تغفو أعينه شخير —– كنفخ الصور في يوم النشور 
فسلطان الفكاهة والقوافي — إذا ما نام سلطان الشخير

وفي كتابه القيم "روائع الأدب الفكاهي العاملي"،  أورد الأديب علي مروة جواب الشيخ محمد عليها في أبيات ظريفة قال فيها معاتبـاً:
أموسى الزين أنت أعزّ صحبي --- وأنت فتى على الأعدا نصيري
وعهدي أن شخصك لي محب ---  يسر برؤيتي كل السرور
وإنك مخلص تهوي لقائى --- وقربي في العشـيّ وفي البكـور
فكيف كرهتـني وزعمـت أنّي --- ظلمتك بالشخير وبالنخير
وإنك عفتني وأنفت مني --- وكنت عليـك أثقـل من ثبير
ألم تعلم بأن النوم فيه --- يصير المـرء معـدوم الشعور
وأن الناس كلهم إذا ما --- غفوا امسـوا كسكان القبور
فكيف هجوتني ونسيت أنّي --- إذا أوذيت اهجى من جرير
وان قريضي المشهور قمح --- وشعرك كله مثل الشعير
وأن جميع أقوالي لباب --- تسرّ به الإنـاث مـع الذكور
وأنت إذا نظمت الشعـر تأتي --- بأقوال أقلّ من القشور
وها أنا قـد تركتـك عن إخاء --- قديم عهده لا عن قصور
ولم أك خائفاً من بعد هذا --- فقد يعفو الكبـير عـن الصغير