الأسرارالعليّة في الكبّة والفراكة الجنوبية - الأستاذ أنور نجم العاملي

اعلموا عباد الله، أن العرب أعمدة الأدب، وعنهم تُؤخذ الرواية بتمكين، فهم اهل الدراية لا أهل الصين...
وٱعلموا انه ماكان للأدب هذه النظرة، ولا تطايرت له عيون الشُهرة، لولا انّ رواده تغذوا بالطعام الأشهى، وأكلوا ماهو اطيب من المن والسلوى...
وهل ظننتم ان جلاء الهم كان باللبنة؟ وذهاب الغم كان بالجبنة؟
فلا والله لا والله...
إنما حينما ٱشتد بهم الجوع، ولم يحسنوا السجود ولا الركوع، علموا ان في الامر سرا... فيمموا شطرَه، حتى ادركوا ما يحاكي الفطرة...
فتوجهت أفئدتهم الى الفراكة والكبة، بعد دهرٍ خسيس، أبعدهم عن اللحومات فيه ابليس..
فذهبوا الى اللحام بلهفة المتدفق. ولسانهم للفراكة متزحلق.
فأخذنا منهم، وورثنا عنهم هذه الاكلة العظيمة، وجعلنا لمن يكرهها حدوداً وقيود، ونصبنا المحاكم والقضاة وجلبنا الشهود، ليشهدوا على كفر وإلحاد من يكره الكبِّة والذي استوجب من الخلق مسبّة..
فالله الله اناشدكم ... فهل رأيتم اللازقة مع الليّة.. الضاحكة المرضيّة، الدرة البهية فكأنها الحور في الجِنان، حتى يفقد المرء عقله والجَنان، لعظيم المنظر، على دف اللحّام ٱلمزنطر...
فواهاً واها... وانت تضعها على البلاطة للدق، فتظهر قوة السلطان بالحق..
فما شكت ولا صاحت، ولا بكت ولا ناحت.. ولكن بين يدي ام الاولاد ٱستراحت...
فتحتار أتريدها فراكة ام كبة! وكلاهما عندالله له رُتْبة...
وبين هذا وذاك تسرق ( ملسة) ولا تستطاب الا خلسة...
واما البرغل وما ادراك ما البرغل! يجعل اهل الكبة تترغل، لهم اصوات اين منها شدو البلبل!
تننزل بعد ذلك الحوايج مما هو رايج ... والحوايج ذخيرة الصالحين، لاتستقيم الكبة والفراكة الا بها...
اجل، فبالكمونة، الى يوم القيامة تُحمل المونة...
وصبّ عليها زيت الزيتون، وجهّز خبز المرقوق المكنون.. وأحضر الحرَّ المجنون....
وٱبدأ ببسم الله فراكة تلو اخرى حتى تأكل الكيلو منها...
ولا يمين عليَّ لو متَ في ليلتك لبُعثتَ شهيدا، في الجنان سعيدا...
فإنه من اكل الفراكة او الكبة لم يدخل النار، ويُنشرُ سلطانُه، ويفيضُ إحسانُه، ويدوم بيانُه...
فيا عباد الله خذوا عني: ما أُبعد قومٌ عن الشهامة، والفخامة والكرامة، الا حين تزعلطوا الهمبرغر والفاهيتا، حتى صار واحدهم يشبه ( شيتا).
وما ٱختل عيش قوم الا حين تزمهروا الفيلادلفيا و السكالوب ، فغرقوا في الخطايا والذنوب...
اعلموا ان الفراكة اكلة حارت فيها العقول، واصابت اسرائيل بالذهول، فهي الطعام العظيم، فبها يهتدى للصراط المستقيم، وبها يميز الكريم من اللئيم....
فمن جاءكم وهو اكولٌ للفراكة، فزوجوه بلا سؤال عنه، ولا تتهربوا منه، فهو مؤمن قوي، مرضيٌّ رضيّ، والمؤمن القوي خيرٌّ من الضعيف...
تزيد المؤمن ايمانا ومنفعة، حتى انه قد يفكر بالزواج من اربعة...
فتوكلوا وكلوا الفراكة ولاتنسوني مع كل بلاطة...
أنظر أيضا : * الكبة في اصلها اللغوي  - أحمد رضا