قصيدة للعلامة السيد محمد حسن الأمين في تأبين المرحوم العلامة الجليل السيد مهدي إبراهيم في بلدة الدوير – قضاء النبطية بتاريخ 5 كانون الأول عام 1971م:
السيد مهدي آل إبراهيم الحسيني
لمثل صمتك ثغر الريح يبتسم ... وبعض صمتك يعيا عنده الكلم
يا حاملاً عبر قرن جبهة شمخت... ولفها في مطافات الذرى شمم
الكبرياء مداها الرحب تحضنه .... وليس في كبرياء النسر ما يصم
وجانحين من الإيمان ما وَهَنَا .... على ضفافهما تساقط النجم
بمثل صوتك يلوى للردى عنق ... وكم ردى بسنا الأعمار ينهزم
تظل في كل صدر متعب ألقا .... تربو على وهجه الأشواق والهمم
تظل في عالم بالزيف ملتفع .... وجهاً يضيء على أبعاده الشمم
تظل في مهجة الأحرار في دمهم .... ناراً إذا خبت النيران تضطرم
من صبح عينيك رؤياهم وعزمتهم... من ثورة في الجبين الحر ترتسم
لا تأس أنك في الميدان منفرد ... وأن قوماً عن الصبح المبين عموا
وأن درباً سلخت العمر تحفره .... تنكبوه إلى درب أضلهم
يكفيك أن غراساً رحت تزرعها ... وراح يمطرها منك الدم العرم
مدت ظلال الهدى في كل منعطف ... فالدرب بالطيب والأفياء مزدحم
ماذا أغنيك والأوتار هامدة ... وبين جنبي من وهج الأسى حمم
أأجرح الصمت أستندي ملاحمه .... إذن لأنطقني بالثورة النغم
ماذا أنبيك والأمواج هادرة .... والريح تنذر بالجلى وتحتدم
والليل خلف تخوم الأفق منعقد .... يصطاد مارق من ضوء ويلتهم
ضعنا على غمرات التيه وازدحمت .... بنا المجاهل والأغوار والأكم
واجتثنا من على أمجادنا خور ... فنحن عبر دروب قفرة رمم
ماذا أنبيك هل أنبيك أن على ... ربوعنا لم يزل يستأسد القزم
وأن أرضاً سقاها من بطولته ... فتى غفار بليل الذل تلتثم
أعيذها وأعيذ المجد من صنم ... ألم يزل في بلادي يعبد الصنم
هنا تراث بلادي شم عاملة ... هنا الندى والهدى والعفو والذمم
ماذا أتصبح أرضي للدخيل مدى ... ويستبيح بها أمجادي البجم
غفت على بهجة الأطياف تلحظها ... عيوننا فقصارى جهدنا حلم
متى سيفتح هذا الجيل أعينه ... وتقرع الليل من أحقادنا قدم
متى يعاف الثرى مسخاً يؤلهه .... مزيفون على تاريخنا جثموا
غداً تزول عن الأجفان غاشية ... وينحر الوهم سيف للضحى خذم
يا قدس يا جرحنا الدامي ويا وجعاً ... على ضفائره من وجدنا نسم
يظل رسمك وهجاً في مواجعنا ....ما أكرم الجرح يدمينا ونبتسم
من عطر تربك يندى في هواجسنا .... طيب ويزهر بالشعر الجريح فم
ماذا أيغمد سيف ظل ملتمعاً .... وتذهل الخيل عن ميدانها اللجم
جفت على الرمل أمجاد وألوية .... وراح يطوى على ذل المدى علم
فرساننا الصيد أخشاب مسندة .... على العروش كأن القوم ما دهموا
أسود غاب إذا ما لاح مؤتمر .... لكنهم عبر ساحات الوغى غنم
الوى بهم عن ملاقاة العدا ترف .... وشدهم للفرار الذل والنهم
من للإذاعات يدوي في جوانبها ... صوت على مثله يستحسن الصمم
يكفيهم من جهاد الخصم أنهم ... شكوا فلم تستمع شكواهم الأمم
عفواً إذا لج بي في ثورة نغم .... النار أروع ما يشدو به نغم
حملت شعبي في صدري وفي شفتي ... فمنه تمطر في أشعاري الديم
آلامه في دمي تفري مرارتها .... وفي حناياي من وهج الأسى ضرم
آمنت بالشعب لا تلوى أعنته .... كل العروش على رجليه تنحطم