كتب الأستاذ أنور شريم :
جميلة محمّد حسين شريم شاعرة من الرَّعيل الأوَّل لبلدة حومين الفوقا ، ولدت في العام ١٨٩٠ وتوفّيت سنة ١٩٧٢ .
نشأت في حومين برعايَة أبوَين عاشقَين للعلم بالرّغم من إهتمامهما المطلق بالزّراعة وتربية المَواشي للإستمرار في حياةٍ كريمة .
تزوَّجت من محمَّد حسين شريم وأنجبا خمسة أبناء ذكور هم : فايز والشّاعر علي ( مؤلّف كتاب التّشكيلة الشّعريّة) وحسن وحسين وعبد العزيز (الذي عمل عسكريّاً في منطقة الكورة ، وقد أحبَّ فتاة من تلك المنطقة ولكن لم يكتمِل النَّصيب ).
فُجِعَت الشّاعرة جميلة شريم بوفاة إبنتها ( يمامة ) وهي في رَيعان الشّباب سنة ١٩٢٥ ، ما حَدا بولديها فايز وحسين على تَسمية بناتهم ب ( يمامة ) .
وفاة الإبنة يمامة جعل من حياة الوالدة الشاعرة جميلة شريم حسرةً وحزناً على الفراق.ما جعَلها في باقي حياتها خائفةً على أبنائها الذّكور من غدَرات الزَّمن .
ويُلاحَظُ ذلك في المُراسلات الزَّجلية بينَها وبين إبنها الشّاعر علي محمّد شريم الّذي كان يعمل مع بعض إخوانه في بيروت خلال الثّورة التي حصلت في لبنان سنة ١٩٥٨ .
حيث قالت له:
يا عَلي لَمّا ترَكتو الدّار /// وغِبتو عَن الضّيعة وعَن الأنظار
فِكري تشَوشَر وِنشغَل بالي /// وصرت متل الحَول مِنّو حصار
فِكري تشَوشَر ونشغَل بالي /// وصرت إبكي ونوح عا حالي
ألله يصَبِّرني عَ هالحالي /// ويِهديكُن ويِحميكُن من الشَّر
بْ حَقّ النَّبيّ وحَيدَر الكَرّار //// يِهديكُن ويِحميكُن من الشَّر
ب حَقّ الّذي عا حُصن خَيبَر كَرّ /// مش راح قَلبي يفرَح ويِنسَرّ
إلّا مَتى عِدتو عَلى هالبَيت /// وشِفتكُن حَولي كبار وزغار
إلّا مَتى عِدتو عَلى هالبَيت /// ويِلتَمّ شَملي بِالجَميع،يارَيت
زادِت بِ قَلبي النّار لَمّا لقَيت /// صِرتو بوَظايِف كِلمِن بدِيري
والحَرب قَطعِت عَنكُن الأخبار /// صِرتو ب وَظايف كِلمِن بدِيري
وقَلبي حتَرَق والفِكر في حِيري /// ما في لزوم نطَوِّل السِّيري
عِيفو الوَظايف عُمرها ما تكون /// ألله بيِبعَت والفُقر مش عار
ونذكُر أيضاً قرّاديّةً تتكلَّم فيها أولادها مع زوجاتِهم فتقول:
كِنت بعِزّي غَندورة
وعِند الجِيري مَشهورة
ما حَدا بيعرِف إسمي
غير نَعنوعة وأمّورة
ما حَدا بيعرِف إسمي
إلّا مَن شَمّ النَّسمي
أمّا اليوم صاير جِسمي
خالي من القوّة والحَيل
متل الصرّة المَصرورة
عَلي يا بو عيون السّود
نِحنا إسلام مش يَهود
ليش صاير قَلبَك جَلمود
عَ القَليلة إبعَتلي
بَطّيخة أو بَعجورة
إمَّك بِ نهارا ولَيلا
مش عَم توقَف عا حَيلا
سَلِّملي عَلى لَيلى
وخَلّيها شي يَوم تطُلّ
علَيّي وهِيّي المَأجورة
وفايز طَلَب من بَلقيس
حطّيلي تيابي بِ الكيس
بَدّي روح بَيتي كَلّيس
عِندي القَعدة بالضَّيعة
بتسوى زَحلة وشتورة
وبَلقيس قالِت لَ فايز
الضَّيعة فيها عَجايز
نسكُن فيها مش جايز
شِفلَك شَغلة في بيروت
ان شالله بَسطة خَضّورة
وحسَن زِعِل عَلَيّي
وبَعَّد مِن حَوالَيّي
بيروح عَ النَّبَطيّة
وما بيخطِرِش عا بالو
يجِبلي راس بنَدورة
ولَبيبة كانِت عِندي
مِتل مراةْ الأفَندي
تنام وتقعُد عا زِندي
ولَمّا صار إلها جناحات
طارِت متل العَصفورة
وحسين صار يسِبّ الدّين
ويقول يا ألله تعين
بدّي إطلَع من حومين
وإذا ما ساعِتني جباع
بروح بسكن في حَيطورة
ومَريَم قالِتلو يا حسَين
لَوين مِتسهِّل لَوين
إمَّك وبَيَّك إثنَين
عا مين بَدنا نِترِكهون
في هالضَّيعة المَهجورة
وعَبد العَزيز مَرَّضني
ولِلهَلاك معَرَّضني
لَمّا بَدّو يفاوِضني
عَقلو عِقدة ما بتِنحَلّ
وحكاياتو حَزّورة
عايِش وَحدو لَحالو
مكَيَّف شو عَلى بالو
وتارِكلي بِنِت خالو
صبح ومَسا بتقِلّي
إبنِك عاشِق بالكورة
قِلتِلّا يا صبحيّة
يا روحي ويا عَينَيّي
العَبِد عَقلاتو شوَيّي
مين بَدّو يِعشَق ويحِبّ
إلّا قطَيطة حَمّورة
وجَديرٌ ذِكرُهُ أيضاً إنّ فتاة من حومين إسمها خَزنة شريم قالَت للشاعرة جميلة شريم الردّة التّالية :
عَ النِّنّة يا توتو
افرَنجي ولابِس كَبّوتو
يا بَنات طقّو موتو
إجو الشَّباب لَ عِنّا
فعَلمت الشاعرة جميلة شريم بعدَ حين إنَّ صاحِب الرَّدّة هو الشّاعر موسى الحاج أسعَد شريم ، والمَدعوّة خَزنة طلَبَتها منهُ لحرقَصة بَنات الضَّيعة .
فكان رَدُّها عليه مباشَرة فقالَت:
عَ النِّنِّة يا بو الشّالي
فِلّ انعِتْر من قبالي
بتِقحَم عَلى الرَّذالي
وهالطَّرِز ما نو عِنّا
عَ النِّنِّة : كلمة كانت تُستَعمَل للحَرقَصة
الشّالي : تَعني الشَّملة وهي زِنّار من قماش كان يلفّها الرَّجل على خاصرته فوقَ دَكّة الشّروال.
انعِتر : هي إشارة لطرد الشَّخص.
بتقحم : بمَعنى تَهجم.
الرَّذالة : تَعني قِلّة الأخلاق.
الطَّرز : بمعنى العادة أو الموضة .
والمعنى : إنّ الشاعر موسى الحاج أسعَد شريم كان يتَزوّج كَثيراً.
وقَد أصبحَت هذه الردّة في ذلك الوَقت سيرةً على كلّ شفَةٍ ولسان .