ابو ذر الغفاري في جبل الخمر: أرض المحشر

تظافرت النصوص التاريخية الصريحة التي تفيد الإطمئنان  بإقامة أبي ذر في بيت المقدس، إلا أن ابن عساكر نقل نصاً يقول ان أبا ذر سكن جبل الخَمر (بفتح الميم)، وذهب أهل اللغة والبلدانيون وأهل الحديث والمؤرخون إلى ان (جبل الخمَر) هذا هو ذاته جبل بيت المقدس.
 إلا أن الفاضل السيد هشام مرتضى أصدر دراسة حديثة بعدما وجد تعريفا للخّمَر في كتب الطب القديم، بأنه عبارةٌ عن مادّة قيريّة تلفظها بحيرة طبريّا وتُستخدم في حماية أشجار العنب من أن يفتك بها الدود. وقال إذا كانت هذه المادّة ترجع إلى بحيرة طبريّا، فمن الطبيعي أن يكون المقصود من جبل الخَمَر هو جبل الجليل. وتوسّعاً ذهب مع القائلين باتحاد جبل عامل مع جبل الجليل، ليستنتج أن جبل الخمر هو جبل الجليل القريب من طبريا وهو نفسه جبل عاملة!!! وهكذا فقد اختار المؤلف هذه المصادفة (وهي كثيرة ولا حصر لها في تشابه أسماء المواضع) وانتزع التسمية من جبل بيت المقدس واختار لها جبل الجليل لقربه من بحيرة طبريا، التي يحيط بها اكثر من جبل معروف، فلماذا اختيار الجليل من بين تلك الجبال؟ ولماذا لا يكون الجولان الملاصق فعلا لطبريا
أو جبل الطابور مثلا ؟ هذا كله لو سلّمنا بصحة المنهج المختار. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فلم نجد حيرة ولا ترديدا عند المؤرخين والبلدانيين في تحديد جبل الخمر، بل ذهب الجميع إلى تعيينه بجبل بيت المقدس. ورووا أنه أرض المحشر وللمصادفة فإن أبا ذر نفسه قد روى ان بيت المقدس هي أرض المحشر أيضا (وهذا يؤيّد اتحاد جبل الخمر بجبل بيت المقدس)، ونصّ أكثر من واحد على إقامته ببيت المقدس دون تورية كما رووا حثّه على الصلاة في مسجدها، وكثير من الصحابة أقاموا في القدس لما رُوي في فضلها.
وأما تمييز الجبال المحيطة بطبريا عن جبل الخمر، فلا أدلّ من نصّ التبريزي في مشكاة المصابيح، أن قوم يأجوج وماجوج يمرّون ببحيرة طبريا فيشربون ماءها ثم يسيرون حتى يبلغوا جبل الخمر، وهو واضح في بُعد المكانين واختلافهما عن بعضهما تدليلا على كثرة قوم يأجوج وماجوج. * ذُكر في مشكاة المصابيح للتبريزي، حكاية عن الدّجال .... ويبعث الله يأجوج وماجوج، فيمرّ أوائلهم على بحيرة طبريا فيشربون ما فيها ... ويسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر وهو جبل بيت المقدس 

* نقل السيوطي عن ابن جرير و ابن أبي حاتم والطبراني وابن العاصي: أن جبل الخمر هو جبل بيت المقدس 

* وقال الزبيدي في تاج العروس أن جبل الخمر هو جبل بيت المقدس وسُمّي كذلك لكثرة شجره الملتف، وكان سلمان الفارسي يقيم في القدس وأرسل لأبي الدرداء يدعوه للأرض المقدسة.... 

* وقال ابن منظور في لسان العرب، الخمر بالفتح يعني الشجر الملتفّ وفسّره أهل الحديث  بأنه جبل بيت المقدس، ومنه حديث سلمان لأبي الدرداء. وسلمان كان يقيم في بيت المقدس. 

* وقال في مراصد الإطلاع ان جبل الخمر المذكور في الأحاديث يراد به جبل بيت المقدس  

* وفي سنن سعيد بن منصور، عن عوف بن مالك في حديث عن الرسول (ص) قال : عليك بجبل الخمر، فقال وما جبل الخمر قال أرض المحشر.

* وروى النويري في نهاية الإرب (ج 1 ص 310) عن ابي ذر (قلت يا رسول الله أخبرنا عن بيت المقدس، قال أرض المحشر والمنشر).

* وذكر المقدسي حكاية عن غضيف بن الحارث أنه التقى أبا الدرداء في دمشق وحمّله الأخير رسالة إلى أبي ذرّ عندما علم بسفره إلى القدس. 

* ونقل السيوطي، قال روى الإمام أحمد في المسند عن الاحنف بن قيس، قال دخلت بيت المقدس فوجدت رجلا يكثر السجود والركوع... فسالت عنه ... فقال انا أبو ذر .... وسكن أبو ذر بيت المقدس ثم ارتحل إلى المدينة. 

* وروى السيوطي (القرن التاسع) عن أبي ذر عن الرسول (ص) : {صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات في بيت المقدس، ولنِعم المصلى هو ارض المحشر والمنشر}











 



أنظر ايضا: 
أبو ذر في روايات الواقدي - من مخطوط مركز الفقيه العاملي 
* أبو ذر الغفاري - كتاب - الشيخ عبد الله سبيتي العاملي  
أبو ذر الغفاري في ساحل الشام والصرفند - رأي د. تدمري و شكيب أرسلان