رسالة الشهيد الأول إلى الأمير المملوكي بيدمر :
"فتكدّر لذالك (كذا) وتأمل وقال لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. إنّ هذا الضال قد ارتدّ عن شريعة سيّد المرسلين ، فزجْره وردْعه عن افعاله القبيحة وحركاته الشنيعة بالقتال لعله يستلزم أن يُقتل مَن لا يستحقّ القتل في الجانبين، فإنا نتأّمل في أمره إن شاء الله بما يليق وإن الله بنا لرؤوف شفيق.
فحينئذ كتب الى الملك بيدمر من بعد التحية وشرح القضية، أن رجلا في السواحل قد ارتدّ عن مذهب الإسلام وانه قد ادّعى النبوة بعد نبيّنا محمد سيد الأنام، وفي الصحيح أنه مَن ادّعى النبوة بعد سيد المرسلين يُقتل باتفاق المسلمين، لقوله عليه السلام : (لا نبي بعدي). ولقوله تعالى : (ولكن رسول الله وخاتم النبيين). وأنه قد اضل كثيرا من المسلمين ، فيجب على الرؤساء في الملة الحنفية المحمدية المساعدة و المبادرة على قمع مَن خالف الشريعة المطهّرة بارتداد، وإقامة الحد عليه إن ظهر منه فساد أو عناد، وإن الله سبحانه قد منّ عليك بالرياسة الدنوية (الدنيوية) ، وانه جلّ شآنه قد منّ وأنعم عليّ بمعرفة الأحكام الشرعية التي جاء بها سيد المرسلين صلى الله عليه وعلى أصحابه أجمعين، فيجب علينا العمل بمقتضى أوامره ونواهيه ، وانه يجب عليكم مساعدة الشريعة الغراء لدفع هذا الضال، فالمسأول (كذا) والمأمول من الخليفة القاهر الباهر والملك الناصر القادر أن يساعدنا بجنوده المشكورة وعساكره المنصورة لردع هذا الضال المضل عن الشرع الشريف والمرتد عن الدين المحمدي المنيف. فركب بيدمر سريعا وارسل إلى الشيخ شمس الدين محمد بن مكي واخبره بسيره بجنوده وعساكره ، فتلقّاه الشيخ شمس الدين محمد بن مكي إلى وادي الزريرية وقال ههنا النزول لفصل هذه القضية. ... " . انتهى